في ذات ليلة .... جلس الشيطان المعلم وحيداً في ركن بعيد .... يدقق في تقارير مستوى تلاميذه ..... يفرح بكل ذنب يقع فيه أهل البشر .... ويشيط غضباً مع كل توبة أو استغفار ..... لكنه توقف عند تقرير .... تقرير جعله لا بتمالك نفسه من الغضب ... بل فزع مسرعاً إلى صاحب هذا التقرير .... ووقف الشيطان المعلم يحاسب تلميذه ....
الشيطان / أأنت صاحب هذا التقرير ؟
التلميذ / نعم سيدي
الشيطان / يبدوا أنك كنت تجلس في دروسي نائماً .... لا تفقه ... لا تتعلم ... لا تتدرب على أي شيء من أساليب غواية البشر .......
التلميذ / بل كنت منتبهاً سيدي ......
الشيطان / لا تقاطعني ..... لو كنت منتبها ... لما تاب صاحبك واستغفر ألف مرة .... ليس ذلك فحسب ... بل اجتمع مع آخرين ... لينشروا المودة والرحمة بين الناس .....
التلميذ / سيدي معنى أنه تاب ألف مرة .... أني أوقعته في ألف ذنب يا سيدي .... إنني أبذل جهداً خارقاً سيدي .... لكن .... لكن ....
الشيطان / لكنك اكتفيت بصغار الذنوب .... أنت تلميذ فاشل .... لم تتعلم إلا الدروس الصغيرة .... قل لي ... ماذا ستفعل الآن وقد انشغل بمشروع خير كبير مع إخوانه ... أفتسطيع الآن أن تغوي مجموعة ... وقد فشلت في غواية فرد ؟
التلميذ / نعم أستطيع سيدي ؟
الشيطان / ما هي خطتك ؟
التلميذ / خطتي .... خطتي ..... حين أضعها ستكون بين يديك .
الشيطان / ألم أقل لك إنك لم تتعلم شيئاً .... أتنتظر حتى تقوى شوكتهم ... ويتعلمون الإخاء والمحبة والرحمة بينهم ؟؟؟؟ ..... أتنتظر حتى تقوى علاقتهم بمشروعهم فلا تستطيع تفريقهم عنه .
التلميذ / سيدي ....
الشيطان / اسكت ... وآتني بالكتاب لتتعلم ....
التلميذ / ها هو سيدي .....
الشيطان / إقرأ أول درس ...
التلميذ / اقلب المعاني الحقيقية .... وأبدلها بمعاني مغلوطة .....
الشيطان / ماذا تفهم من هذا الدرس ؟
التلميذ / اشرح لي سيدي ....
الشيطان / اعلم أن ابن آدم لا يصبر .... لا يصبر على الفهم ... لا يصبر على العلم ... لا يصبر على التفكر ... لا يصبر على الحلم .... لذلك ... تجده جاهلاً ... ويجب أن تستغل هذا الجهل .
التلميذ / كيف ؟
الشيطان / لا تدعه يتعلم الحق .... وإن حاول التعلم ... اخلط عليه المعاني فلا يميز بين حقها وباطلها .... وإياك أن يتعلم الحق ... إياك ....
التلميذ / وكيف أخلط عليه المعاني سيدي ؟
الشيطان / إذا علمه ربه أن الدين النصيحة .... فاجعله ينشغل بإعطاء النصائح ... ولا يتقبل أي نصيحة ......
التلميذ / كيف ؟
الشيطان / بأن تشعره بأنه العالم الذي لا يجب أن يصفه أي إنسان بالجهل
وأنه الفقيه الذي لا يجب أن ينتقده أحد ... وتعلمه بأن كرامته ستهان إن انتقده أحد ... وأنه أعلى وأكرم من هذا بكثير ...
التلميذ / نعم .... نعم .... استغل في هذا جهله .... وغروره بنفسه ... تلك الصفات تعلمتها في درس الغرور الجاهل .
الشيطان / أصبت .... وإياك أن يتذكر أي معلومة ترشده للحق .... إياك أن يتذكر أن الملائكة تفرش أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع ... إياك أن يتذكر أن المجتهد والمصيب له درجتان عند الله ... وأن المجتهد والمخطئ له درجة .... إياك أن يتذكر أنه من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ..... إياك .
التلميذ / حسناً سيدي .... وما هو الدرس التالي ...
الشيطان / انظر للدرس الذي يليه ...
التلميذ / حب نفسي أحب لي من الحق ..
الشيطان / إن حدث وتعلم ابن آدم الحق .... فلا تجعله يتجرأ ويعترف بالخطأ أمام إخوانه... لأنه إن فعل هذا سيتعاون مع إخوانه على تحقيق الحق ... ولكن ... اجعل صورة نفسه أمام الآخرين أهم عنده من اتباع الحق ... فيتمسك بالباطل رغم تعلمه الحق ... فينسى ما تعلم .... ويظل على باطله الذي يظهره.... إياك أن يتعلم أن الحق أحق أن يتبع ... إياك أن يتعلم أن من اعترف بجهله فقد بدأ أولى خطوات العلم .... إياك.
التلميذ / حسناً ... وما هو الدرس التالي ؟
الشيطان / إذا حادثك جاهل .. اغتر عليه بعلمك واجعله يندم أن حاول التعلم منك
التلميذ / وما معنى هذه القاعدة ؟
الشيطان / الإنسان بطبعه غرور جاهل ... إذا وجد إنسان أقل منه في العلم .... يغتر العالم على من هو أقل منه .... ويعامله معاملة الأدنى منه مرتبة ورقي ... بل تصل لدرجة احتقار الجاهل .... بل يصل الاحتقار للمهانة والتراشق بالشتائم .... هذا ما نريد تماماً .... إياك أن يتواضع العالم ... إياك أن يجادل العالم بالتي هي أحسن .... إياك أن يرحم ويصفح العالم الجاهل .... إياك أن يصير العالم صديق للجاهل ... فيتعلم الجهال من أخيه فينتهي جهله .... بل اجعل نقاشهم عداء ... وإياك أن تجعل نقاشهم علم وفهم فيتعاونوا على تحقيق علمهم بين الناس .....
التلميذ / وماذا إن قبل ابن آدم النصيحة وتواضع العالم لآخيه فتعلم الجاهل واعترف بجهله ؟
الشيطان / لو تعلم ابن آدم وقرأ وفهم ... لعبد الله على علم ... ولو عبد الله على علم ... لن يجد الشيطان عليه سبيلا .
22/6/2008, 12:07 am
